فصل: فصل في المحلى بأل من هذا الحرف

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **


قال القونوي‏:‏ سر عد الملك الكذاب منهم أن الكذب قسمان ذاتي وصفاتي فالصفاتي محصور في موجبين الرغبة والرهبة والملك محلها ظاهراً وليس حكمه مع الرعية بصورة رهبة منهم أو رغبة فيما عندهم يوجب الإقدام على الكذب، فإذا كان الملك كذاباً فلا موجب له إلا لؤم الطبع فهو وصف ذاتي له والأوصاف الذاتية الجبلية تستلزم نتائج تناسبها‏.‏

- ‏(‏م ن عن أبي هريرة‏)‏ رضي اللّه عنه‏.‏

3542 - ‏(‏ثلاثة لا ينظر اللّه إليهم‏)‏ ولما كان لكثرة الجميع دخل عظيم في مشقة الخزي زاد قوله ‏(‏يوم القيامة‏)‏ الذي من افتضح في جمعه لم يفز ‏(‏العاق لوالديه والمرأة المترجلة المتشبهة بالرجال والديوث، وثلاثة لا يدخلون الجنة العاق لوالديه والمدمن الخمر والمنان بما أعطى‏)‏ قال الطيبي‏:‏ يؤوّل على وجهين أحدهما من المنة الذي هي الاعتداد بالضيعة وهي إن وقعت في صدقة أحبطت الثواب أو في معروف أبطلت الضيعة، وقيل من المنن وهو النقص يعني النقص من الحق والخيانة فيه‏.‏

- ‏(‏حم ن ك‏)‏ وكذا البزار ‏(‏عن ابن عمر‏)‏ بن الخطاب رضي اللّه عنه وفيه عبد اللّه بن يسار الأعرج قال‏:‏ قال الصدر المناوي لا يعرف حاله‏.‏

3543 - ‏(‏ثلاث لا ينظر اللّه‏)‏ أي الملك الأعظم ‏(‏إليهم يوم القيامة‏:‏ المنان عطاءه‏)‏ أي الذي يكثر المنة على غيره لإحسانه إليه ‏[‏ص 332‏]‏ والمنة لا تليق إلا باللّه تعالى إذ هو الملك الحقيقي وغيره يعطي من ملك غيره فلم يجز له المنّ فإذا منّ كأنه ادّعى لنفسه الملك والحرية وانتفى من العبودية ونازع اللّه صفات رب البرية فلا ينظر إليه نظر رحمنية ‏(‏والمسبل إزاره‏)‏ الذي يطوّل ثوبه ويرسله إذا مشى تيهاً وفخراً ‏(‏خيلاء‏)‏ أي يقصد الخيلاء بخلافه لا بقصدها ولذلك رخص المصطفى صلى اللّه عليه وسلم في ذلك لأبي بكر حيث كان جره لغير الخيلاء ‏(‏ومدمن الخمر‏)‏ قال الطيبي‏:‏ جمع الثلاثة في قرن لأن المنان إنما منّ بعطائه لما رأى من فضله وعلوه على المعطى له أو صاحب الحق والمسبل إزاره وهو المتكبر الذي يترفع بنفسه على الناس ويحط منزلتهم ومدمن خمر يراعي لذة نفسه ويفخر حال السكر على غيره ويتيه والحاصل من المجموع عدم المبالاة بالغير‏.‏

- ‏(‏طب عن ابن عمر‏)‏ بن الخطاب قال الهيثمي‏:‏ رجاله ثقات‏.‏

3544 - ‏(‏ثلاثة لا ينظر اللّه إليهم يوم القيامة‏)‏ استهانة بهم وغضباً عليهم بما انتهكوا من محرماته وخالفوا من أوامره ‏(‏ولا يزكيهم‏)‏ لكونهم لم يزكوا أحكامه ‏(‏ولهم عذاب أليم‏)‏ يعرفون به ما جهلوا من عظمته واجترحوا من حرمته ‏(‏أشيمط زان‏)‏ في النهاية الشمط الشيب ‏(‏وعائل مستكبر‏)‏ أي فقير ذو عيال لا يقدر على تحصيل مؤونتهم ولا يطلب من بيت المال أو من الناس المتكبر فهو آثم لإيصال الضرر إلى عياله ‏(‏ورجل جعل اللّه بضاعته لا يشتري إلا بيمينه ولا يبيع إلا بيمينه‏)‏ فيه أن المنّ صفة ذم في حق العبد إذ لا يكون غالباً إلا عن بخل وكبر وعجب ونسيان منن اللّه عليه‏.‏

قال القونوي‏:‏ سر ما تقرر في الحديث أن الزنا في الشباب له فيه نوع عذر فإن الطبيعة تنازعه وتتقضاه وأما الشيخ فشهوته ضعفت وقوته انحطت فإذا كان زانياً فليس ذلك إلا لكونه مفسداً بالطبع فهو مجبول على الفساد فلذلك وصف ذاتي له فيستلزم النتائج الرديئة وأما العائل المستكبر فالعائل الفقير والمستكبر الذي يتعانى الكبر وهذا ينقسم أعني التكبر إلى قسمين ذاتي وصفاتي فالتكبر الصفاتي محصور في موجبين المال والجاه فالتكبر من الناس وإن كان قبيحاً شرعاً وعقلاً لكن لأصحاب الجاه والمال فيه صورة عذر وأما عادمهما إذا تكبر فلا عذر له بوجه فالتكبر إذن صفة ذاتية له فلا جرم ينتج نتيجة رديئة ويأتي نحو ذلك التوجيه في الخلاف‏.‏

- ‏(‏طب هب عن سلمان‏)‏ الفارسي قال الهيثمي بعد ما عزاه للطبراني في الثلاثة‏:‏ ورجاله رجال الصحيح‏.‏

3545 - ‏(‏ثلاثة لا ينظر اللّه إليهم غداً‏)‏ أي في الآخرة ‏(‏شيخ زان‏)‏ لاستخفافه بحق اللّه وقصده معصية بلا حاجة فإنه ضعفت شهوته عن الوطء الحلال فكيف بالحرام وكمل عقله ومعرفته وتجاربه وإنما يدعو إلى الزنا غلبة الحرارة وقلة المعرفة وضعف العقل الحاصل كل ذلك زمن الشباب ولهذا قيل من لم يرعو عند الشيب ولم يستح من العيب ولم يخش اللّه في الغيب فليس للّه فيه حاجة، شيب وعيب ‏(‏ورجل اتخذ الأيمان‏)‏ أي الحلف باللّه ‏(‏بضاعته يحلف في كل حق وباطل وفقير مختال‏)‏ أي مخادع مراوغ والختل الخداع والمراوغة ‏(‏يزهو‏)‏ أي يتكبر ويفتخر ويتعاظم‏.‏

- ‏(‏طب عن عصمة‏)‏ بكسر العين وسكون الصاد المهملتين ‏(‏ابن مالك‏)‏ الأنصاري الخطم وغلط ابن منده في جعله خثعمياً قال الهيثمي‏:‏ إسناده ضعيف‏.‏

‏[‏ص 333‏]‏ 3546 - ‏(‏ثلاثة لا ينظر اللّه إليهم يوم القيامة‏)‏ نظر رحمة ‏(‏رجل حر باع حراً‏)‏ فأكل ثمنه لكونه سلبه نعمة الحرية وأدخله في ذل العبودية ‏(‏وحر باع نفسه‏)‏ لكونه أذلها وأحقرها ‏(‏ورجل أبطل كراء أجير حين جف رشحه‏)‏ أي استعمله حتى تعب وعرق بدنه فلما فرغ من عمله لم يعطه أجره فالرجل في الثلاثة وصف طردي ثم إن ما ذكر في الثانية لا يعارض بما جاء في خبر إن الخضر باع نفسه لرجل لأن شرع من قبلنا ليس شرعاً لنا على أنه لمقاصد أخروية جليلة المقدار وليس الكلام فيها‏.‏

- ‏(‏الإسماعيلي في معجمه عن ابن عمر‏)‏ بن الخطاب رضي اللّه تعالى عنه‏.‏

3547 - ‏(‏ثلاثة لا ينفع معهن عمل الشرك باللّه وعقوق الوالدين‏)‏ بضم العين من العق وهو القطع قال الحافظ‏:‏ والمراد به هنا صدور ما يتأذى به الوالد من ولده من قول أو فعل ما لم يتعنت الوالد وضبطه ابن عطية بوجوب طاعتهما في المباح فعلاً وتركاً وندبها في المندوب وفرض الكفاية كذلك ‏(‏والفرار من الزحف‏)‏ أي حين لا يجوز الفرار‏.‏

- ‏(‏طب عن ثوبان‏)‏ مولى النبي صلى اللّه عليه وسلم قال الهيثمي‏:‏ فيه يزيد بن ربيعة وهو ضعيف‏.‏

3548 - ‏(‏ثلاثة‏)‏ من الرجال أو رجال ثلاثة وخبره قوله ‏(‏يؤتون أجورهم مرتين‏)‏ وفي رواية البخاري ثلاثة لهم أجران ‏(‏رجل من أهل الكتاب‏)‏ أي الإنجيل لأن اليهودية نسخت يرشد إليه رواية البخاري رجل آمن بعيسى عليه الصلاة والسلام بدل ‏(‏آمن بنبيه‏)‏ أو هو على عمومه لأن اليهود كانوا مأجورين بإيمانهم لكن بطل ذلك بكفرهم بعيسى عليه الصلاة والسلام فبإيمانهم بمحمد صلى اللّه عليه وسلم يحسب ذلك الأجر ‏(‏وأدرك النبي صلى اللّه عليه وسلم‏)‏ في عهد بعثته على ما جزم به العيني تبعاً للكرماني لأن نبيه بعد البعثة إنما هو محمد صلى اللّه عليه وسلم باعتبار عموم بعثته أو بعدها إلى يوم القيامة على ما جرى عليه ابن حجر رحمه اللّه كشيخه البلقيني رضي اللّه عنه عملاً بظاهر اللفظ والمؤمن من أهل الكتاب لا بد أن يكون مع إيمانه بنبيه مؤمناً بمحمد صلى اللّه عليه وسلم للميثاق المتقدم في آية ‏{‏وإذ أخذ اللّه ميثاق النبيين‏}‏ ‏(‏فآمن به واتبعه وصدقه‏)‏ فيما جاء به إجمالاً في الإجمالي وتفصيلاً في التفصيلي ووجه تعدد إيمانه المترتب عليه تعدد أجره أن إيمانه أولاً تعلق بأن المنعوت بكذا رسوله وإيمانه ثانياً تعلق بأن محمداً صلى اللّه عليه وسلم هو المتصف بتلك الوصاف فهما معلومان متباينان ‏(‏فله أجران‏)‏ أجر الإيمان بنبيه وأجر الإيمان بمحمد صلى اللّه عليه وسلم وكذا حكم الكتابية لأن النساء شقائق الرجال كما هو مطرد في جل الأحكام حيث يدخلن مع الرجال تبعاً إلا ما خصه الدليل ثم لا يلزم على ذلك أن الصحابي الذي كان كتابياً أجره زائد على أجر كبار الصحابة كالخلفاء الأربعة لأن الإجماع خصهم وأخرجهم من هذا الحكم ويلتزم ذلك في كل صحابي لم يقم دليل على زيادة أجره على من كان كتابياً ولم يقل ومحمد مع كونه اخص إيذاناً باستقلال كل منهما بالإيمان واعلم أن أهل الكتاب قسمان قسم غيروا وبدلوا وماتوا على ذلك فهم كفرة وقسم لا ولا وماتوا قبل بعث النبي صلى اللّه عليه وسلم فهم مؤمنون ولهم أجر واحد وقسم أدركوا بعثته ودعاهم فلم يؤمنوا به فهم كفار وقسم آمنوا به فلهم أجران ‏[‏ص 334‏]‏ والحديث فيهم ‏(‏وعبد مملوك‏)‏ وصفه به لأن جميع الناس عباد اللّه فأراد تمييزه بكونه مملوكاً للناس ‏(‏أدَّى حق اللّه‏)‏ من صلاة ونحوها ‏(‏وحق سيده‏)‏ بأن خدمه ونصح جهده له لأن من اجتمع عليه فرضان فأدّاهما ليس كمن عليه فرض واحد فأدّاه وفي رواية البخاري بدل سيده مواليه وعليه فإنما لم يقل مولاه لأن المراد من العبد جنس العبد حتى يكون عند التوزيع لكل عبد مولى لأن مقابلة الجمع بالجمع أو ما يقوم مقامه مفيدة للتوزيع أو أراد أن استحقاق الأجرين إنما هو عند أداء جميع حق مواليه لو كان مشتركاً ‏(‏فله أجران‏)‏ أجر تأديته للعبادة وأجر نصحه وإحسانه وكرره لطول الكلام اهتماماً والمراد أن له أجران من هذه الجهة وقد يكون لسيده جهات أخر يستحق بها أضعاف ذلك ‏(‏ورجل كانت له أمة‏)‏ يطؤها بملك اليمين وفي رواية الترمذي له جارية وضيئة قال العراقي‏:‏ ليس في الكتب الستة وصفها بالوضاءة إلا فيه وفي كونها شرط لحصول الأجر الموعود بحث والمراد بقوله يطؤها يحل له وطؤها وإن لم يطأها ‏(‏فغذاها‏)‏ بتخفيف الذال المعجمة ‏(‏فأحسن غذاءها‏)‏ بالمد ‏(‏ثم أدبها‏)‏ بأن راضها بحسن الأخلاق وحملها على جميل الخصال ‏(‏فأحسن تأديبها‏)‏ بأن استعمل فيه الرفق والتلطف والتأني من غير ضرب ولا عنف ‏(‏وعلمها‏)‏ ما يتعين عليها من أحكام الدين وما يتيسر من مندوباته ومطلوباته ‏(‏فأحسن تعليمها‏)‏ بأن استعمل معها ما ندبوا إليه من اتصاف المعلم به من نحو حسن خلق ورفق في ضرب وغاير بين التأديب والتعليم مع أنه قد يدخل فيه لأن الأول عرفي والثاني شرعي والأول دنيوي والثاني أخروي ‏(‏ثم أعتقها‏)‏ عبر فيما قبله بالفاء وفيه بثم لأن التعليم والتأديب يتعاقبان على الوطء بل لا بد منهما فيه بل قبله لتعينهما على السيد بعد التمليك بخلاف الإعتاق ‏(‏وتزوجها‏)‏ بعد أن أصدقها، قرن العتق بالتزويج لما فيه من قمع الكبر وإذلال النفس وترك التعاظم إن لم يكتف سيدها بعتقها حتى تزوجها ولم يتزوج ذات شرف وأصالة ومال ‏(‏فله أجران‏)‏ أحدهما في مقابل تعليمها وتأديبها والثاني لاعتاقها وتزوجها أو أحدهما لاعتاقها والثاني لتزوجها وكما كانت جهة الأجر فيه متعددة ومظنة الاستحقاق أكثر من ذلك أعاد قوله فله أجران وخص هذه الثلاثة بالأجرين مع ثبوت مثله لغيرهم كأزواج المصطفى صلى اللّه عليه وسلم وكولد أدى حق اللّه وحق أبيه لأن الفاعل في كل منهما جامع بين أمرين بينهما مخالفة عظيمة فكان العامل لهما فاعل الضدين عامل بالمتنافيين بخلاف غيره وهذا أقعد من جواب البلقيني بأن قضيتهن خاصة بهن مقصورة عليهن فإن قيل ينبغي أن يكون للأخير أربعة أجور للتأديب والتعليم والإعتاق والتزويج قلنا لم يعتبر فيهما إلا الأجرين الأخيرين اللذين هما كالمتنافيين كأخواته وإن تميز بغيرهما ولهذا ميز بينهما على الأمرين الذين بلفظ ثم دون غيره وفيه ندب تأديب الأمة والزوجة وليس لك أن تقول ليس فيه إلا الأمة لأنه من التنبيه بالأدنى على الأعلى‏.‏

- ‏(‏حم ق ت ن ه عن أبي موسى‏)‏‏.‏

3549 - ‏(‏ثلاثة يتحدثون في ظل العرش آمنين والناس في الحساب رجل لم تأخذه في اللّه لومة لائم ورجل لم يمد يده إلى ما لا يحل له ورجل لم ينظر إلى ما حرم اللّه عليه‏)‏ لأنه لما حفظ جوارحه التي هي أمانة عنده فلم يستعملها في غير ما أمر اللّه به أو نهى عنه وكفها وقهرها خوفاً من اللّه جوزي بالأمن يوم الفزع الأكبر‏.‏

- ‏(‏الأصبهاني في ترغيبه عن ابن عمر‏)‏ ‏[‏ص 335‏]‏ ابن الخطاب رضي اللّه عنه‏.‏

3550 - ‏(‏ثلاثة يحبهم اللّه تعالى وثلاثة يبغضهم اللّه فأما الذين يحبهم اللّه فرجل أتى قوماً فسألهم باللّه ولم يسألهم لقرابة بينهم وبينه فمنعوه فتخلف رجل بأعقابهم‏)‏ بقاف وباء موحدة بعد الألف كما في صحيح ابن حبان وغيره وما وقع في الترمذي وتبعه البغوي بأنه بعين مهملة فياء آخر الحروف فألف فنون تصحيف كما بينه المناوي وغيره ‏(‏فأعطاه سراً لا يعلم بعطيته إلا اللّه والذي أعطاه وقوم ساروا ليلتهم حتى إذا كان النوم أحب إليهم مما يعدل به فوضعوا رؤوسهم فقام أحدهم يتملقني‏)‏ أي يتضرع إلي ويزيد في الود والدعاء والإبتهال ‏(‏ويتلو آياتي‏)‏ القرآن ‏(‏ورجل كان في سرية فلقي العدو‏)‏ يعني الكفار ‏(‏فهزموا فأقبل بصدره حتى يقتل أو يفتح له والثلاثة الذين يبغضهم اللّه الشيخ الزاني والفقير المختال والغني الظلوم‏)‏ بفتح الظاء صيغة مبالغة أي الكثير الظلم للناس أو لنفسه‏.‏

- ‏(‏ت‏)‏ في صفة الجنة ‏(‏ن‏)‏ في الزكاة ‏(‏حب ك‏)‏ في الزكاة والجهاد ‏(‏عن أبي ذر‏)‏ قال الترمذي‏:‏ حديث صحيح وقال الحاكم على شرطهما وأقره الذهبي ورواه ابن عساكر من حديث مطرف بن عبد اللّه بن الشخير قال‏:‏ بلغني عن أبي ذر حديث فكنت أحب أن ألقاه فلقيته فسألته عنه فذكره‏.‏

3551 - ‏(‏ثلاثة يحبهم اللّه وثلاثة يشنأهم اللّه‏)‏ أي يبغضهم فأما الذين يحبهم اللّه ‏(‏الرجل يلقى العدو في فئة‏)‏ أي جماعة من أصحابه ‏(‏فينصب لهم نحره حتى يقتل أو يفتح لأصحابه والقوم يسافرون فيطول سراهم حتى يحبوا أن يمسوا الأرض فينزلون‏)‏ عن دوابهم ‏(‏فيتنحى أحدهم فيصلي‏)‏ وهم نيام ‏(‏حتى‏)‏ يصبح و‏(‏يوقظهم لرحيلهم‏)‏ من ذلك المكان ‏(‏والرجل يكون له الجار يؤذيه فيصبر على أذاه حتى يفرق بينهما‏)‏ بالبناء للمفعول والفاعل اللّه حتى يفرق اللّه أي بينه وبينه ‏(‏بموت‏)‏ لأحدهما ‏(‏أو ظعن‏)‏ بفتحتين أي ارتجال لأحدهما ‏(‏والذين يشنأهم اللّه‏)‏ أي يبغضهم ‏(‏التاجر الحلاف‏)‏ بالتشديد صيغة مبالغة أي الكثير الحلف على سلعته وفيه إشعار بأن القليل الصدق ليس محلا الذم ‏(‏والفقير المختال والبخيل المنان‏)‏ بما أعطاه‏.‏

- ‏(‏حم عن أبي ذر‏)‏ قال الحافظ العراقي‏:‏ فيه ابن الأحمس ولا يعرف حاله قال‏:‏ ورواه أيضاً أحمد والنسائي بلفظ آخر بإسناد جيد انتهى‏.‏

‏[‏ص 336‏]‏ 3552 - ‏(‏ثلاثة يحبهم اللّه عز وجل رجل قام من الليل‏)‏ أي للتهجد فيه ‏(‏يتلو كتاب اللّه‏)‏ القرآن في صلاته وخارجها ‏(‏ورجل تصدق صدقة بيمينه يخفيها‏)‏ أي يكاد يخفيها ‏(‏عن شماله ورجل كان في سرية فانهزم أصحابه‏)‏ دونه ‏(‏فاستقبل العدو‏)‏ وحده فقاتل حتى قتل أو فتح عليه‏.‏

- ‏(‏ت‏)‏ في صفة أهل الجنة من حديث أبي بكر بن عياش ‏(‏عن ابن مسعود‏)‏ وقال‏:‏ غريب غير محفوظ وأبو بكر بن عياش كثير الغلط انتهى‏.‏

3553 - ‏(‏ثلاثة‏)‏ من الأشياء ‏(‏يحبها اللّه عز وجل‏)‏ يثيب فاعلها ويرضاها ‏(‏تعجيل الفطر‏)‏ أي تعجيل الصائم الفطر إذا تحقق الغروب ‏(‏وتأخير السحور‏)‏ إلى آخر الليل ما لم يوقع التأخير في شك ‏(‏وضرب اليدين إحداهما بالأخرى في الصلاة‏)‏‏.‏‏[‏‏"‏ضرب اليدين‏"‏‏:‏ أي وضع الواحدة على الأخرى‏.‏ دار الحديث‏]‏

- ‏(‏طب‏)‏ وكذا الديلمي ‏(‏عن يعلى بن مرة‏)‏ قال الهيثمي‏:‏ وفيه عمر بن عبد اللّه بن يعلى وهو ضعيف‏.‏

3554 - ‏(‏ثلاثة يدعون اللّه عز وجل فلا يستجاب لهم رجل كانت تحته امرأة سيئة الخلق‏)‏ بالضم ‏(‏فلم يطلقها‏)‏ فإذا دعى عليها لا يستجيب له لأنه المعذب نفسه بمعاشرتها وهو في سعة من فراقها ‏(‏ورجل كان له على رجل مال فلم يشهد عليه‏)‏ فأنكره فإذا دعى لا يستجاب له لأنه المفرط المقصر بعدم امتثال قوله تعالى ‏{‏وأشهدوا شهيدين من رجالكم‏}‏ ‏(‏ورجل أتى سفيهاً‏)‏ أي محجوراً عليه بسفه ‏(‏ماله‏)‏ أي شيئاً من ماله مع علمه بالحجر عليه فإذا دعى عليه لا يستجاب له لأنه المضيع لماله فلا عذر له ‏(‏وقد قال اللّه تعالى‏:‏ ولا تؤتوا السفهاء أموالكم‏)‏‏[‏قال البيضاوي‏:‏ نهى الأولياء عن أن يؤتوا الذين لا رشد لهم أموالهم فيضيعوها وإنما أضاف الأموال إلى الأولياء لأنها في تصرفهم وتحت ولايتهم وهو الملائم للآيات المتقدمة والمتأخرة وقيل‏:‏ نهى لكل أحد إلى ما خوله اللّه من المال فيعطي امرأته وأولاده ثم ينظر إلى أيديهم وإنما سماهم سفهاء استخفافاً بعقلهم وهو أوفق لقوله ‏{‏التي جعل اللّه لكم قياماً‏}‏ أي تقومون بها وتنتفعون وعلى الأول أول بأنها التي من جنس ما جعل اللّه لكم قياماً‏]‏‏.‏

- ‏(‏ك‏)‏ في التفسير ‏(‏عن أبي موسى‏)‏ الأشعري قال الحاكم على شرطهما ولم يخرجاه لأن الجمهور رووه عن شعبة موقوفاً ورفعه معاذ عنه انتهى وأقره الذهبي في التلخيص لكنه في المهذب قال‏:‏ هو مع نكارته إسناده نظيف‏.‏

3555 - ‏(‏ثلاثة يضحك اللّه إليهم‏)‏ أي يرضى عليهم ويلطف بهم قالوا‏:‏ الضحك منه تعالى محمول على غاية الرضى والرأفة والدنو والقرب كأنه قيل إنه تعالى يرضى عنهم ويدنو إليهم برأفته ورحمته قال الطيبي‏:‏ ويجوز أن يضمن الضحك معنى النظر ويعدى تعديته بإلى فالمعنى أنه تعالى ينظر إليهم ضاحكاً راضياً عنهم متعطفاً عليهم لأن الملك إذا نظر إلى بعض رعيته بعين الرضى لا يدع من الإنعام والإكرام شيئاً إلا فعله في حقهم وفي عكسه لا يكلمهم ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم على والوجه ‏[‏ص 337‏]‏ الأول يضحك مستعار للرضى على سبيل التبعية والقرينة الصارفة نسبة الضحك إلى من هو متعال عن صفات الخلق ‏(‏الرجل إذا‏)‏ إذا متمحض للظرفية وهو بدل من الرجل والرجل موصوف أي رجال ثلاثة يضحك اللّه منهم وقت قيام الرجل بالليل فوضع الظرف مقام الرجل مبالغة على منوال قولهم أخطب ما يكون الأمير قائماً أي أخطب أوقاته والأخطبية ليست للأوقات وإنما هي للأمير ‏(‏قام من الليل يصلي‏)‏ النافلة وهو التهجد ‏(‏والقوم إذا صفوا للصلاة‏)‏ وسووا صفوفهم على سمت واحد كما أمرهم به في حديث آخر ‏(‏والقوم‏)‏ أي المسلمون ‏(‏إذا صفوا للقتال‏)‏ أي لقتال الكفار بقصد إعلاء كلمة اللّه قال الطيبي‏:‏ قدم قيام الليل على صف الصلاة وأخر صف القتال إما تنزلا فإن محاربة النفس التي هي أعدى عدو للّه أشق من محاربة عدوك الذي هو الشيطان ومحاربة الشيطان أصعب من محاربة أعداء الدين أو ترقيا فإن محاربة من يليك أقدم والأخذ بالأصعب فالأصعب أحرى وأولى من أخذ الأصعب ثم الأسهل‏.‏

- ‏(‏حم ع عن أبي سعيد‏)‏ ورواه ابن ماجه في باب ما أنكرت الجهمية من حديث أبي سعيد مع بعض خلف لفظي‏.‏

3556 - ‏(‏ثلاثة يظلهم اللّه في ظله يوم لا ظل إلا ظله التاجر الأمين والإمام المقتصد وراعي الشمس بالنهار‏)‏ يعني المؤذن ويظهر أن هذا في محتسب لا ياخذ على أذانه أجراً‏.‏

- ‏(‏ك في تاريخه فر عن أبي هريرة‏)‏ وفيه جماعة مجاهيل‏.‏

3557 - ‏(‏ثلاثة يهلكون عند الحساب‏)‏ يوم القيامة ‏(‏جواد‏)‏ بالتخفيف أي إنسان كثير الجود أعطى لغير اللّه ‏(‏وشجاع‏)‏ قاتل لغير إعلاء كلمة اللّه ‏(‏وعالم‏)‏ لم يعمل بعلمه وفيه إثبات الحساب والعذاب‏.‏

- ‏(‏ك عن أبي هريرة‏)‏‏.‏

3558 - ‏(‏ثلاثون‏)‏ أي من السنين ‏(‏خلافة نبوة‏)‏ بالإضافة ‏(‏وثلاثون خلافة وملك وثلاثون تجبر ولا خير فيما وراء ذلك‏)‏ من السنين‏.‏

- ‏(‏يعقوب بن سفيان في تاريخه‏)‏ ولفظ رواية الطبراني جبروت وكذا ابن عساكر في تاريخه ‏(‏عن معاذ‏)‏ بن جبل ظاهر صنيع المصنف أنه لم يره مخرجاً لأحد من المشاهير الذين وضع لهم الرموز في ديباجة كتابه وهو عجيب فقد رواه الطبراني عن معاذ أيضاً وكذا الديلمي قال الهيثمي عقب عزوه للطبراني‏:‏ وفيه مطر بن العلاء الرملي لم أعرفه وبقية رجاله ثقات‏.‏

3559 - ‏(‏ثمانية‏)‏ من الناس ‏(‏أبغض خليفة اللّه إليه يوم القيامة‏)‏ قيل‏:‏ ومن هم يا رسول اللّه قال‏:‏ ‏(‏السقارون‏)‏ بسين أو صاد مهملتين وقاف مشددة ‏(‏وهم الكذابون‏)‏ وفسره في خبر آخر بأنهم نشء يكون في آخر الزمان تحيتهم إذا التقوا التلاعن وإليه يميل كلام أهل اللغة ‏(‏والخيالون‏)‏ بخاء معجمة وشد التحتية ‏(‏وهم المستكبرون والذين يكنزون البغضاء لإخوانهم‏)‏ في الإسلام ‏(‏في صدورهم‏)‏ أي قلوبهم ‏(‏فإذا‏)‏ رأوهم و ‏(‏لقوهم تخلقوا لهم‏)‏ بمثناة فوقية وخاء معجمة مفتوحتين ولام ‏[‏ص 338‏]‏ مفتوحة شديدة وقاف أي أظهروا من خلقهم خلاف ما في طويتهم ‏(‏والذين إذا دعوا إلى اللّه ورسوله‏)‏ أي إلى طاعتهما ‏(‏كانوا بطاء‏)‏ بكسر الموحدة والمد بضبطه ‏(‏وإذا دعوا إلى الشيطان وأمره‏)‏ من اللهو والمعاصي ‏(‏كانوا سراعاً‏)‏ بتثليث السين المهملة ‏(‏والذين لا يشرف لهم طمع من الدنيا إلا استحلوه بأيمانهم وإن لم يكن لهم ذلك بحق والمشاؤون‏)‏ بين الناس ‏(‏بالنميمة‏)‏ ليفسدوا بينهم ‏(‏والمفرقون بين الأحبة‏)‏ بالفتن ونحوها ‏(‏والباغون البرآء‏)‏ أي الطالبون ‏(‏الدحضة‏)‏ بالتحريك في المصباح دحض الرجل زلق ‏(‏أولئك يقذرهم الرحمن عز وجل‏)‏ أي يكره فعالهم‏.‏

- ‏(‏أبو الشيخ ‏[‏ابن حبان‏]‏ في‏)‏ كتاب ‏(‏التوبيخ وابن عساكر‏)‏ في التاريخ ‏(‏عن الوضين بن عطاء مرسلاً‏)‏ هو الخزاعي الدمشقي قال الذهبي‏:‏ ثقة وبعضهم يضعفه مات سنة تسع وأربعين ومئة‏.‏

3560 - ‏(‏ثمن الجنة لا إله إلا اللّه‏)‏ أي قولها باللسان مع إذعان القلب وتصديقه فمن قالها كذلك استحق دخولها زاد الديلمي في روايته وثمن النعمة الحمد للّه قال الحرالي‏:‏ والثمن ما لا ينتفع بعينه حتى يصرف إلى غيره من الأعراض‏.‏

- ‏(‏عد وابن مردويه‏)‏ في التفسير ‏(‏عن أنس‏)‏ بن مالك ورواه عنه الديلمي أيضاً ‏(‏عبد بن حميد في تفسيره عن الحسن‏)‏ البصري ‏(‏مرسلاً‏)‏ قال الديلمي‏:‏ وفي الباب ابن عباس وغيره‏.‏

3561 - ‏(‏ثمن الخمر حرام‏)‏ فلا يصح بيعه ولا يحل ثمنه ولا قيمة على متلفه قال البغوي‏:‏ فلو أراق خمر ذمي أو قتل خنزيره فلا غرامة عليه لأنه لا ثمن لهما في حق الدين وفي تحريم بيعه دليل على تحريم بيع الأعيان النجسة وإن انتفع بها في الضرورة كالزبل ‏(‏ومهر البغي حرام‏)‏ أي ما تعطاه الزانية على الزنا بها حرام لا يحل لها تناوله وإن كان الزاني إنما أعطاه عن طيب قلب ‏(‏وثمن الكلب حرام‏)‏ لنجاسة عينه وعدم صحة بيعه ولو معلماً عند الشافعية وخص الحنفية المنع بغيره وعن مالك فيه روايتان ‏(‏والكوبة حرام‏)‏ بضم فسكون طبل ضيق الوسط واسع الطرفين وبيعه باطل عند الشافعي وأخذ ثمنه أكل له بالباطل ونبه به على تحريم بيع جميع آلات اللهو كطنبور ومزمار لكن إذا غيرت عن حالتها جاز بيعها ‏(‏وإن أتاك صاحب الكلب يلتمس ثمنه فاملأ يديه تراباً‏)‏ كناية عن منعه ورده خائباً ‏(‏والخمر والميسر حرام وكل مسكر حرام‏)‏ قال الحكيم‏:‏ اعلم أن الخمر اسم لازم لجميع أنواع الأشربة ولو لم يكن كذلك لم يقل كل ثم بين أن علامة الخمر كل شيء أسكر والمسكر هو مفعل للسكر والسكر سد العقل ومنه يقال لسد النهر سكراً ومن قوله ‏{‏إنما سكرت أبصارنا‏}‏ أي سدت فالخمر اسم فيه صفة الفعل الذي يظهر منه الفساد لأنه يخمر الفؤاد أي يغطيه ويحول بينه وبين شعاع العقل فكل شراب فيه هذه الصفة فقد لزمه اسم التحريم‏.‏

- ‏(‏حم ‏[‏ص 339‏]‏ عن ابن عباس‏)‏ ورواه أيضاً الطيالسي والديلمي وغيرهما ورواه عنه الدارقطني، وقال الغرياني في مختصره‏:‏ وفيه يزيد بن محمد عن أبيه لم أجدهما‏.‏

3562 - ‏(‏ثمن القينة‏)‏ الأمة غنت أو لا كما في الصحاح من التقيين وهو التزيين سميت به لأنها تزين البيت قال البيضاوي‏:‏ وهنا أريد بها المغنية إذ لا وجه لحرمة ثمن غيرها ‏(‏سحت‏)‏ بضم فسكون أي حرام سمي به لأنه يسحت البركة أي يذهبها ‏(‏وغناؤها حرام‏)‏ أي استماعه‏[‏حيث خيف منه فتنة، وفي شرح البهجة لشيخ الإسلام زكريا وفي شرائه مغنية - بالغين - تساوي ألفاً بلا غناء وجوه ثالثها إن قصد الغناء بطل وإلا فلا والأصح في الروضة صحته مطلقاً واعتمده الرملي‏]‏ ‏(‏والنظر إليها حرام وثمنها مثل ثمن الكلب‏)‏ قال البيضاوي‏:‏ التحريم مقصور على البيع والشراء لأجل التفخم وحرمة ثمنها يدل على فساد بيعها لكن الجمهور صححوه وأولوا الحديث بأن أخذ الثمن عليهن حرام كأخذ ثمن العنب من الخمار لأنه إعانة وتوسل لمحرم لا لأن البيع باطل ‏(‏وثمن الكلب سحت ومن نبت لحمه على السحت‏)‏ بتناوله أثمان شيء من هؤلاء أو غيرها قال في النهاية‏:‏ السحت الحرام الذي لا يحل كسبه لأنه يسحت البركة أي يذهبها والسحت الرشوة في الحكم ‏(‏فالنار‏)‏ أي نار جهنم ‏(‏أولى به‏)‏ لأن الخبيث للخبيث فأسند ما ذكر إلى اللحم لا إلى صاحبه إشعاراً بالغلبة وأنه حيث لا يصلح لدار الطيبين التي هي الجنة بل لدار الخبيثين التي هي النار هذا على ظاهر الاستحقاق أما إذا تاب اللّه عليه أو غفر له بغير توبة أو أرضى خصمه أو نالته شفاعة شفيع فهو خارج من هذا الوعيد‏.‏

- ‏(‏طب عن عمر‏)‏ بن الخطاب ورواه عنه الديلمي أيضاً قال الذهبي‏:‏ والخبر منكر‏.‏

3563 - ‏(‏ثمن الكلب خبيث‏)‏ فيبطل بيعه عند الشافعي وأخذ ثمنه أكل له بالباطل أو رديء دنيء فيصح بيعه عند الحنفية قالوا الخبيث كما يستعمل في الحرام يستعمل في الرديء الدنيء ‏(‏ومهر البغي‏)‏ أجرة الزانية فعيل من البغاء وهو صفة لمؤنث ولذلك سقطت التاء ‏(‏خبيث‏)‏ أي حرام إجماعاً لأن بذل العوض في الزنا ذريعة إلى التوصل إليه فيكون في التحريم مثله ‏(‏وكسب الحجام خبيث‏)‏ أي مكروه لدناءته ولا يحرم لأن النبي صلى اللّه عليه وسلم أعطاه أجره ولو كان حراماً لم يعطه قال الخطابي‏:‏ قد يجمع الكلام بين القرائن في اللفظ ويفرق بينهما في المعنى بالأغراض والمقاصد قال القاضي‏:‏ الخبيث في الأصل ما يكره لرداءته وخسته ويستعمل للحرام من حيث كرهه الشارع واسترداه كما يستعمل الطيب للحلال قال تعالى‏:‏ ‏{‏ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب‏}‏ أي الحرام بالحلال والرديء من المال قال سبحانه وتعالى‏:‏ ‏{‏ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون‏}‏ أي الدنيء من المال ولما كان مهر الزانية وهو ما تأخذه عوضاً عن الزنا حرام كان الخبيث المسند إليه بمعنى الحرام وكسب الحجام لما لم يكن حراماً لأنه عليه الصلاة والسلام احتجم وأعطى الحجام أجرته كان المراد من المسند إليه المعنى الثاني وأما الأول فمبني على صحة بيع الكلب فمن صححه كالحنفية فسره بالدناءة ومن لم يصححه كأصحابنا فسره بأنه حرام قال عياض‏:‏ وليس المراد بالحجام المزين بل من يخرج الدم‏.‏

- ‏(‏حم م د ت‏)‏ كلهم في البيع ‏(‏عن رافع بن خديج‏)‏ ولم يخرجه البخاري‏.‏

3564 - ‏(‏ثمن الكلب خبيث وهو‏)‏ أي الكلب ‏(‏أخبث منه‏)‏ أي أشد خبثاً لنجاسة عينه أو رداءته على ما تقرر عن المذهبين‏.‏ ‏[‏ص 340‏]‏

- ‏(‏ك‏)‏ من حديث يوسف بن خالد السمتي عن الضحاك عن عكرمة ‏(‏عن ابن عباس‏)‏ قال أعني الحاكم ويوسف واه خرجته لشدة الحاجة إليه اهـ فعزو المصنف الحديث لمخرجه وسكوته عما عقبه به من بيان علته من سوء الصنيع ورواه عنه البيهقي في سننه وقال يوسف غيره أوثق منه فقال الذهبي عليه بل هو واه جداً‏.‏

3565 - ‏(‏ثنتان‏)‏ أي دعوتان ‏(‏لا تردان‏)‏ وفي رواية لأبي داود قلما تردان ‏(‏الدعاء عند النداء‏)‏ أي عند حضور النداء أي الأذان وفي رواية حين تقام الصلاة ‏(‏وعند البأس‏)‏ بهمزة بعد الباء بمعنى الصف في سبيل اللّه للقتال كما في رواية ‏(‏حتى يلحم بعضهم بعضاً‏)‏ بحاء مهملة مكسورة وأوله مضموم أي حين يلتحم الحرب بينهم ويلزم بعضهم بعضاً وفي رواية بالجيم والإلجام إدخال الشيء في الشيء‏.‏

- ‏(‏د‏)‏ في الجهاد ‏(‏حب ك عن سهل بن سعد‏)‏ قال في الأذكار‏:‏ إسناده صحيح لكن قال الصدر المناوي رضي اللّه عنه‏:‏ فيه موسى بن يعقوب الزمعي روى له أصحاب السنن قال النسائي‏:‏ ليس بقوي وثقه ابن معين قال الذهبي‏:‏ صويلح فيه لين وقال الحاكم‏:‏ تفرد به موسى وله شواهد‏.‏

3566 - ‏(‏ثنتان ما‏)‏ في رواية لا ‏(‏تردان الدعاء عند النداء‏)‏ يعني الأذان للصلاة ‏(‏وتحت المطر‏)‏ أي دعاء من هو تحت المطر لا يرد أو قلما يرد فإنه وقت نزول الرحمة لا سيما أول قطر السنة والكلام في دعاء متوفر الشروط والأركان والآداب‏.‏

- ‏(‏ك عنه‏)‏ ثم قال‏:‏ تفرد به موسى المذكور فيما قبله وله شواهد اهـ‏.‏ قال الذهبي‏:‏ قلت لم ينفرد به‏.‏

*2*  فصل في المحلى بأل من هذا الحرف ‏[‏أي حرف الثاء‏]‏ـ

3567 - ‏(‏الثالث‏)‏ أي الإنسان الذي ركب على البهيمة وعليها اثنان فكان هو الثالث وكانت لا تطيق ذلك ‏(‏ملعون‏)‏ أي مطرود عن منازل الأبرار يطهر بالنار فقوله ‏(‏يعني على الدابة‏)‏ مدرج من كلام الراوي لا من تتمة الحديث فلو بينه المصنف لكان أولى ثم إنه إنما قال في ثلاثة أقبلوا من سفر على هذه الهيئة فالكلام في ثلاثة مخصوصة ودابة معينة فلا يلزم منه حرمة ركوب أي ثلاثة كانوا على أي دابة كانت فلو كانت تطيق الدابة حمل ثلاثة أو أكثر لقوتها أو خفة راكبيها أو قصر المسافة جاز كما ذكره النووي وغيره أنه مذهبنا ومذهب الكافة وحكاية عياض عن البعض منعه فاسد ثم إني أقول‏:‏ قد ذكر الفقهاء أن للسيد أن يكلف عبده في بعض الأحيان ما لا يطيقه إلا بمشقة وأن الممنوع أن يكلفه على الدوام ما لا يطيقه على الدوام فقياسه هنا كذلك ولم أر من تعرض له‏.‏

- ‏(‏طب عن مهاجر‏)‏ بضم الميم وفتح الهاء وبالجيم ‏(‏بن قنفد‏)‏ بضم القاف والفاء بينهما نون ساكنة بن عمير بن جذعان بضم الجيم وسكون المعجمة التيمي صحابي أسلم يوم الفتح ثم مات بالبصرة قال‏:‏ رأى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ثلاثة على بعير فذكره‏.‏ قال الهيثمي‏:‏ رجاله ثقات اهـ وأورده ابن الجوزي في الموضوعات فلم يصب‏.‏

3568 - ‏(‏الثلث‏)‏ بالرفع فاعل فعل محذوف أي يكفيك يا سعد الثلث أو خبر مبتدأ محذوف أي المشروع الثلث أو مبتدأ ‏[‏ص 341‏]‏ خبره محذوف أي الثلث كافيك وبالنصب على الإغراء أو بفعل مضمر أو أعط الثلث ‏(‏والثلث كثير‏)‏ بموحدة أو بمثلثة شك الراوي والأكثر المثلثة أي هو كثير بالنسبة لما دونه في الوصية وهو مسوق لبيان الجواز بالثلث وأن الأولى أن ينقص عنه أو هو بيان لكون التصدق بالثلث أكمل أي أكثر أجراً والأول هو المتبادر إلى الفهم ومن ثم ذهب الشافعي إلى أنه يسن النقص عن الثلث إن كان ورثته فقراء وقد أجمعوا على جواز الوصية بالثلث وكذا بأكثر إن أجازها الورثة‏.‏

- ‏(‏حم ق ن ه عن ابن عباس‏)‏ قال‏:‏ قال سعد في مرضه للنبي صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ أتصدق بثلثي مالي‏؟‏ قال‏:‏ لا‏.‏ قال‏:‏ فالشطر‏؟‏ قال‏:‏ لا‏.‏ قال‏:‏ فالثلث‏؟‏ فذكره‏.‏

3569 - ‏(‏الثلث‏)‏ يا سعد بن أبي وقاص ‏(‏والثلث كثير‏)‏ في الوصية ‏(‏إنك إن تذر‏)‏ بذال معجمة تترك وفي رواية البخاري تدع ‏(‏ورثتك أغنياء خير‏)‏ وروي بفتح همزة أن على للتعليل أي لأن تذر فمحله جر أو هو مبتدأ فمحله رفع وخبره خير وبكسرها على الشرط وجوابها جملة ‏(‏من أن تذرهم عالة‏)‏ أي فقراء جمع عائل وهو الفقير والفعل من عال يعيل إذا افتقر ‏(‏يتكففون الناس‏)‏ يطلبون الصدقة من أكف الناس أو يسألونهم بأكفهم وزاد في رواية ما في أيديهم أعطوهم أو منعوهم ثم عطف على قوله ‏"‏إنك إن تذر‏"‏ ما هو علة للنهي عن الوصية بأكثر من الثلث فقال ‏(‏وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه اللّه‏)‏ أي ذاته لا للرياء والسمعة ‏(‏إلا أجرت‏)‏ بضم الهمزة مبنياً للمفعول ‏(‏بها‏)‏ أي عليها ‏(‏حتى ما تجعل‏)‏ أي الذي تجعله ‏(‏في في امرأتك‏)‏ إلا أجرت بالنفقة التي تبتغي بها وجه اللّه حتى بالشيء الذي تجعله في فم امرأتك فما اسم موصول وحتى عاطفة وقول الزركشي كابن بطال تجعل برفع اللام وما كافة كفت حتى عن عملها رده في مصابيح الجامع بأنه لا معنى للتركيب حينئذ إن تاملت فالأجود ما ذكر وفيه كالذي قبله إباحة جمع المال وحث على صلة الرحم وندب الإنفاق في القرب وأن الواجب يزداد أجره بالنية وأن ثواب الإنفاق مشروط بصحة النية وابتغاء وجه اللّه قال ابن دقيق العيد‏:‏ وهذا عسر إذا عارضه مقتضى الشهوة فإن ذلك لا يحصل الغرض من الثواب حتى يبتغي به وجه اللّه ويشق تخليص هذا المقصود مما يشوبه قال‏:‏ وقد يدل على أن الواجبات إذا أدّيت على قصد الواجب ابتغاء وجه اللّه أثيب عليها فإن قوله حتى ما تجعله في في امرأتك لا تخصيص له بغير الواجب وحتى هنا تقتضي المبالغة في تحصيل هذا الأجر بالنسبة للمعنى‏.‏

- ‏(‏مالك حم ق 4‏)‏ في الوصية ‏(‏عن سعد‏)‏ بن أبي وقاص قال‏:‏ جاءني المصطفى صلى اللّه عليه وسلم يعودني عام حجة الوداع من وجع اشتد بي فقلت‏:‏ يا رسول اللّه إني قد بلغ بي من الوجع ما ترى وأنا ذو مال ولا يرثني إلا ابنة لي أفأتصدق بثلثي مالي قال‏:‏ لا قلت‏:‏ فالشطر قال‏:‏ لا قلت‏:‏ فالثلث فذكره ورواه عنه الشافعي رضي اللّه تعالى عنه أيضاً‏.‏

3570 - ‏(‏الثوم والبصل والكراث من سك إبليس‏)‏ بسين مهملة مضمومة وكاف مشددة طيب معروف وهو عربي والمراد أن هذا طيبه الذي يحب ريحه ويميل إليه‏.‏

- ‏(‏طب‏)‏ وكذا الديلمي ‏(‏عن أبي أمامة‏)‏ قال الهيثمي‏:‏ فيه رجل يقال له أبو سعيد روى عن أبي غالب وعنه عبد العزيز بن عبد الصمد ولم أجد من ترجمه‏.‏

‏[‏ص 342‏]‏ 3571 - ‏(‏الثيب أحق بنفسها من وليها‏)‏ في الإذن بمعنى أنه لا يزوجها حتى تأذن له بالنطق لأنها أحق منه بالعقد كما تأوله الحنفية لأن ذلك ترده الأخبار الصحاح المفيدة لاشتراط الولي كخبر لا نكاح إلا بولي وأحق للمشاركة أي لها في نفسها حق ولوليها حق وحقها آكد ‏(‏والبكر‏)‏ أي البالغ ‏(‏يستأذنها أبوها‏)‏ يعني وليها أباً كان أو جداً وإن علا ندباً عند الشافعية ووجوباً عند الحنفية ‏(‏في نفسها‏)‏ يعني في تزويجها ‏(‏وإذنها صماتها‏)‏ بضم الصاد أي سكوتها زاد البيهقي وربما قال وصماتها إقرارها وهذه حجة لمن أجبر البكر البالغ والمخالف زعم أن الدلالة منه بطريق المفهوم وفي كونه حجة خلف وبتقديره فالمفهوم لا عموم له فيحمل على غير البالغ‏.‏

- ‏(‏حم د ن عن ابن عباس‏)‏ وظاهره أنه ليس في أحد الصحيحن وهو ذهول فإنه في صحيح مسلم بلفظه‏.‏

3572 - ‏(‏الثيب تعرب‏)‏ أي تبين وتتكلم قال الزمخشري‏:‏ الإعراب والتعريب الإبانة يقال أعرب عنه لسانه وعرب عنه ‏(‏عن نفسها‏)‏ لزوال حيائها بممارسة الرجال فيحتاج الولي إلى صريح إذنها في العقد فإذا لم تصرح فزوّجها فهو باطل مطلقاً عند الشافعي وجعله أبو حنيفة موقوفاً على الإجازة ‏(‏والبكر رضاها صمتها‏)‏ أي سكوتها فالثيب البالغ لا يزوجها الأب ولا غيره إلا برضاها نطقاً اتفاقاً إلا من شذ والبكر الصغيرة يزوجها أبوها اتفاقاً إلا من شذ وفي الثيب غير البالغ قال أبو حنيفة ومالك‏:‏ يزوجها أبوها كالبكر وقال الشافعي‏:‏ لا والبكر البالغ يزوجها أبوها وكذا غيره من الأولياء واختلف في استئمارها والحديث دال على أنه لا إجبار للأب عليها لو امتنعت وألحق الشافعي الجد بالأب وقال أبو حنيفة‏:‏ يزوج الثيب الصغيرة كل ولي فإذا بلغت فلها الخيار وقال أحمد‏:‏ إذا بلغت تسعاً وعن مالك يلحق بالأب وصيه دون بقية الأولياء والحديث مسوق لاشتراط رضى المزوّجة بكراً أو ثيباً صغيرة أو كبيرة لكن يستثنى الصغيرة من حيث المعنى لإلغاء عبارتها‏.‏

- ‏(‏حم ه عن عميرة‏)‏ بفتح العين المهملة بن جابر ‏(‏الكندي‏)‏ بكسر الكاف وسكون النون نسبة إلى كندة قبيلة كبيرة مشهورة من اليمن قال الذهبي‏:‏ صحابي قال الديلمي‏:‏ وفي الباب عمر وعائشة رضي اللّه عنهما‏.‏